إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الضروس والعروس وشارب النمر بين ابن طوير وابن حوقان وعبد الواحد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الضروس والعروس وشارب النمر بين ابن طوير وابن حوقان وعبد الواحد

    الضروس ، وشارب النمر ، والعروس
    ما بين ابن طوير وعبد الواحد وابن حوقان

    قراءة / د. محمد بن حمدان المالكي
    بدأ ابن طوير المحاورة وهو يشتعل ثقة وحيوية وإبداعا ، حيث بدأ بأبيات استفزازية من باب المداعبة لابن حوقان يذكر فيها فضله عليه في مجال الشعر – حسب ما يراه من منظاره الشخصي – عندما وصف نفسه بالسحابة التي أسقت أرض ابن حوقان اليابسة القاحلة ، وكأنه يقول أنا الذي صنعت منك شاعرا له مكانته المرموقة في الوقت الراهن ، قد أورقت شجرة شعرك بأبيات المعاني ، وكل ذلك يعود لي – والكلام لابن طوير - :





    سقيت يا عامٍ سحابه سقى الارض اليبوس





    ارتدت ابيار التهم وانجل العد العديد





    والزرع والاعشاب متمايله وسط الجناب





    كنا نمر من الطلاقه ومبداها منير





    وأهل المريبض كان يسقون من ماي اسمعه





    الرد : عبد الواحد :



    الدهر بؤساً بعد سعداً وسعدا بعد بوس





    لا عد تعسكر لي طوابير وتعد العديد





    ما دمت تحضر عندنا وانت محفوظ الجناب





    مدري وش المفقوده الضايعه يابو منير





    الوعظ والارشاد في واحدٍ ما يسمعه





    الحقيقة أن عبد الواحد في هذه المحاورة أبدع أيما إبداع رغم أن جناح الرد كان لديه ، وهذا فيه صعوبة توظيف الكلمات وتوجيهها في وقت قياسي ، وخصوصا أنه بين شاعرين من أقوى شعراء الجنوب ، لا بد أن يكون على قدر من التميز ، ولذلك كان عبد الواحد حريصا على إظهار الرد بكل ثقة وتميز .

    ولو لاحظتم في رده على ابن طوير تجدون أن عبد الواحد كأنه بدأ يميل لابن حوقان في تبرير واقعي ومنطقي ذكر فيه أن الحياة يوما لك وما عليك ، ولا داعي لذكر مثل هذه الأفكار التي تحاول من خلالها الضغط على الشاعر المقابل ( من معنى ابن سحبان ).



    البدع / ابن حوقان :



    يابو منير اذهلت كل القياما والجلوس





    حفظت تاريخ الصحابه وهارون الرشيد





    وتعرف اللي صار ما بين أبو زيد وذياب





    وبعض تاريخ المهلب وموسى بن نصير





    لكن جن الشعر ما ادري معي وإلا معه





    هنا ابن حوقان حاول أن يأتي بتكتيك شعري له وجهان ، الأول يفهم منه السامع للوهلة الأولى أن ابن حوقان يشيد بتجربة ابن طوير ، وأنه الشاعر الذي لا يشق له غبار ، ذلك الشاعر الذي حوى تاريخ الأمم السابقة ، واختزل كتب التراث ، وهذه حقيقة ، فابن طوير يعتبر تاريخا متحركا ، فهو قارئ جيد وحافظ حذق ، ولذلك لا تخلو قصائده من الإسقاطات التاريخية في كل محاورة .

    أما الوجه الثاني الذي أراده ابن حوقان فهو السخرية من قناعة ابن طوير ، رغم أن ابن حوقان قد استفاد من تجربة ابن طوير ، ولكن قالها هنا من باب المداعبة الشعرية ، والأخذ والعطاء مع شاعر ليس من السهل الأخذ والعطاء معه .

    وفي آخر الأبيات يتساءل ابن حوقان (لكن جن الشعر ما ادري معي وإلا معه ) ، وهذه حركة ذكية من ابن حوقان ، فلو أخذنا المفهوم الأول الذي يعتبر ابن طوير هو أعتا الشعراء ، فبهذا البيت كأنه يضع ابن طوير في مكان مقارنة تجعله لا يتفوق عليه .



    الرد / عبد الواحد :



    حيا الله من ترحيبهم خير من طعم الجلوس





    ومحمد ابن مديس حيا الله الشيخ الرشيد





    قوماً من أكباد الأعادي يعشون الذياب





    من التجى في روس غفرين يبشر بالنصير





    أهل الخناجر والسبك والسيوف اللامعه





    هنا عبد الواحد رأى أن يوجه المعنى للثناء على معزبهم ويكتفي بذلك ! .



    البدع / ابن طوير :



    ذا العام أنا وأولاد عمي تفصلنا لبوس





    يا ماطيب الفرحه ويا ماحسن الثوب الجديد





    لكن تحدانا المطوع بتقصير الثياب





    وليلة الفرحه تغير مطوعنا الكبير





    سرى يدق الزير وأنا بغيت ارقص معه





    وفي هذه الأبيات تعامل ابن طوير بدهاء مع أبيات ابن حوقان وقناعاته التي لم تعجبه في مضمونها الذي أدركه وكشف شفرته .

    فاختار ابن طوير الثياب التي يكتسي بها الإنسان مدخلا لمعناه ، فهو يقول : قد كسوتك ثيابا تجملك من الشعر ، وذلك بإعطاءك الفرصة لمحاورتي في ساحات العرضة والاكتساب من خبرتي الكبيرة ، وقد فرحت بك ، ولكنك في المقابل حاولت أن تبخسني حقي ( تقصير الثياب ) ، ولكنك في المقابل تكيل بمكيالين ، إشارة أن الواقع غير ما تقوله ، وأن المكافأة التي المفروض أنني سآخذها منك مقابل تعبي معك ، ربما تكون قليلة .

    (وذلك كما قلت من باب المداعبة وإعطاء المحاورة طابع الحماس والإبداع ) .



    الرد / عبد الواحد :



    جسم الفجر عريان والليل ماهلا لبوس





    الناس كلاً يحتمل خوه وايدٍ تنجد ايد





    بعض التعب ضايع ولا ترتجي بعده ثياب





    وثق حبالك لا يطيح الدلو في ملك بير





    والاصمعي في صومعه لا بغيت ارقى اصمعه





    هنا عبد الواحد أستطاع أن يضع ختم شاعريته على البيت الأول (جسم الفجر عريان والليل ماهلا لبوس ) بيت شعر لا يجيد تركيبه إلا عبد الواحد ، وفي مجمل معناه يتحدث عن معاناة من يصنع خير ويلتقي شر 0 وهنا عبد الواحد يشير إلى مفهوم عام لا ينطبق بالضرورة على ابن حوقان ، لأن أبياته السابق تدل على ميل جلي لمفهوم ابن حوقان وتأييده في خصمته .



    البدع / ابن حوقان :



    خل المطوع وانتبه للقصايد والهجوس





    الله خلقنا ننظم الشعر وبيوت القصيد





    الله يعينك يابن طوير في يوم الحساب





    يا من لقي فرعون يتنشّده عن بن طوير





    يحصله جاره وساكن معه في شارعه





    هنا ابن حوقان حاول أن ينقض المعنى الذي يتحدث عنه ابن طوير عن المطوع الذي تحدى بقص الثياب وفي نفس الوقت هذا المطوع نسي نفسه .

    ويشير ابن حوقان هنا إلى فداحة ما قاله ابن طوير – طبعا من وجهة نظره ، ومن عادة الشعراء في المحاورة تهويل الموضوع لزيادة الحماس - ، لذلك تجد ابن طوير لم يغضب من ابن حوقان لكونه فهم المعنى .



    الرد / عبد الواحد :



    حيا الله نمرٍ له في الخبت محرز وله جوس





    حيا الله اللي يعرفون النوايا والقصيد





    وش فيك تعزمنا وبعدين تشرد عالحساب





    أدخلت شعره من شنب نمر في ريش الطوير





    أنا شربت البحر إذا كان غيري شارعه





    هنا عبد الواحد يحاول أن يبين لابن طوير ولابن حوقان أنه مدرك تماما لما يقولانه ، لذلك كان يسير معهم خطة خطوة ، حتى أنه استطاع أن يدخل شعرة نمر في ريش طوير ، كناية عن حرفنته في غطو المعاني واستشفافها .



    البدع / ابن طوير :



    ذهبت للصحه وركبت لي خمسه ضروس





    قلوا لي اضحك يوم ارد القصايد والنشيد





    وزعّلت زعكان وآنا علومي ما تعاب





    قال اربعه ما تمضغ الزاد والخامس قصير





    ولا قنع زعكان حتى وعضيت اصبعه





    تطول القارعة ولا زال ابن طوير يرسل قذائفه الأرض أرض بحرفية وتمكن ، فقد بدأ بقصة السحابة المغدقة مرورا بقصة الثياب الجديدة وتحدي المطوع حتى وصل إلى الصحة التي ركبت له خمسة ضروس أربع منها لا تقوى على مضغ الزاد والخامس قصير !!

    هنا ابن طوير لا زال يدور في فلك الحوار الذي بدأه مع ابن حوقان بحرفية وتمكن .

    وقد أشار هنا إلى أن ابن حوقان لم تعجبه أبياته الخمسه التي قالها ، فأربعة منها مثل الضروس التي تملأ الفم ولكن ليس لها تأثير أبدا ، والخامس له عيب كبير لكونه قصير ، وكأنه يقول أن هذه الأبيات الخمسة ليست على قدر المسؤولية والمحاورة والأخذ والعطاء – حسب ما يراه - ، ولكنها في نفس الوقت ضررها أكبر من نفعها .



    الرد / عبد الواحد :



    بينك وبين اللي معك دارت الحرب الضروس





    وغنّمتك الجوله أموال ما عنها نشيد





    والمشكله بعض الغنايم على اهلها تعاب





    مالاً يكفيك ويكفي ثلاثمية قصير





    نصه تصدق به على من تشا والنص بعه





    يشير عبد الواحد هنا حسب ما أراه إلى أن هذه المحاورة أبدعت وكسبت بها الإعجاب ، وستجد من يكسيك ويزيد في كسوتك ، ولكن لا تنسانا .



    البدع / ابن حوقان :



    مضى لنا عامين وأمي تدوّر لي عروس





    ماني وحيد أمي ولكن تحسبني وحيد





    والناس أبو يتقبلوني وأنا باقي شباب





    سقى الله أياماً مضت يوم أنا باقي صغير





    أدخل من الروضه وافتش فصول الجامعه





    وهنا ابن حوقان يدخل من باب آخر ليفتح عدة جبهات شعرية على ابن طوير ، ويقول لا تتوقع أن القبيلة ( أمي ) لا ترى إلا أنت شاعرا لها (ماني وحيد أمي ولكن تحسبني وحيد) ، وقد مريت يابن طوير في بداية حياتك بمتاعب ، ولكن من صبر ظفر .



    الرد / عبد الواحد :



    ناسٍ حشام وناس يبغى لهم توليع روس





    لا يختلط شري مع شركم حيدوا وأحيد





    إبليس ما وده يزيد الجحيم إلا شباب





    تعبت أوصيكم وكلاً يقل لي وص غير





    توذنون بلا وضو للصلاة الجامعه





    هنا عبد الواحد مسك العصا من الوسط ووضع نفسه في موضع المصلح الاجتماعي ، والناصح الأمين ، مشير إلى أنكم ستستنفذون المعنى والأفضل أن توقفون القارعة وتبدأون في قارعة جديدة .

    البدع / ابن طوير :



    لا تغلطون على الشياهين يا أصحاب الجموس





    اطلقتموها تختطف من وجوه البر صيد





    صقور ما تسكن بعش الحديا والغراب





    لعيونها ورقابها منظراً يشفي الضمير





    من خلقة الخالق عليها براقع واقنعه





    هنا ابن طوير يشير إلى مكانته المرموقة في مجتمع التي تعد بمنزلة الصقر في الطير .



    الرد / عبد الواحد :



    أنا جبل شامخ ما انا شعرةً في ولج موس





    غناي من زهران لو كان ما عندي رصيد





    والغربه والتشريد من حظ الاجناب الغراب





    إن كان عيضه غرّز الناس بالعود الضمير





    خلَّوه يجلس عند ركبة محمد واقنعه





    هنا عبد الواحد بعد أن نصح بإنهاء القاف ولم يطاع ، بدأ يكيل بمكيال المواجهة مع ابن طوير ، ويقول لا تتوقع ممن واجهته بالتحدي إلا التحدي ، ولو بغيت الحقيقة – حسب قناعته وتكتيكه في المحاورة – ابن حوقان عندي شاعر كبير (خلَّوه يجلس عند ركبة محمد واقنعه ) وأنا مقتنع بشاعريته .



    وفي الحقيقة أن هذه المحاورة مدرسة في الفتل والنقض ، وتوجيه المعاني ، يجدر بالشعراء الاستماع لها ولمثلها من محاورات الشعراء المتميزين القدامى والمحدثين .

    وفي نهاية هذه القراءة أتمنى أنني قد وصلت إلى بعض معاني الشعراء مشيرا إلى أن هذه وجهة نظر صحيحة تحتمل الخطأ لا أفرضها ، وفي نفس الوقت أتقبل انتقادها .







    [/QUOTE]
يعمل...
X